الهزيمة "الوسيمة" التي مني بها أشبال " بن شيخة" بعد رحيل "الشيخ" أمام إفريقيا الوسطى التي قيل أن إمبراطورها السابق كان يأكل البشر وهو الوحيد دون شعبه الذي كان يمتلك في هذا البلد الصغير والفقير والساخن ثلاجة، لكنه كان يملؤها بلحوم "بني آدم"، الهزيمة ليست أكثر من حلقة من الهزائم التي لم تعد تزعج أحدا ومع ذلك ينزعجون إلى حد الحزن والسكتة القلبية كلما خسر فريق الكرة موقعة هم يعلمون أن الفوز فيها لن يُصلح الطرقات ولا المستشفيات ولا المطارات ولا البلديات ولا الأسواق ولا حتى ملاعبنا المعشوشبة اصطناعيا.
ما لا يعرفه الجزائريون وربما يعرفونه ولا يهتمون به، هو أن إفريقيا الوسطى التي لا تمتلك حتى نافذة على البحر ولا ثروات طبيعية ويقل عدد سكانها عن سكان عاصمتنا، تم تصنيفها في مرتبة أحسن من الجزائر ضمن الدول الأكثر عرضة للصدمات الاقتصادية وتلك هي الهزيمة الحقيقية التي مني بها "شيوخ" الجزائر و"شيخاتها" عندما صرنا نحتل المراكز الأخيرة في مجالات اقتصادية وعلمية ولا أحد يزعجه ذلك، بينما تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يتعادل "الشيخ" أمام تانزانيا ويخسر "بن الشيخة" أمام إفريقيا الوسطى رغم أن النتيجتين تدخلان ضمن "البهدلة" التي لا تليق ببلد تسيّد القارة السمراء إقتصاديا وسياسيا وعلميا ورياضيا بعد عشر سنوات فقط من استقلاله.
أن نبدأ موسمنا الكروي بهزيمة ليس مأساة ولا كارثة مادام التعويض ممكن ومادام حتى الغياب عن منافسات كأس أمم إفريقيا وكأس العالم من الأمور الواردة والتي تعودنا عليها في السنوات الأخيرة، لكن أن نبدأ موسمنا الاقتصادي بتقارير سياحية عالمية تحذر من زيارة جنوبنا وتقارير اقتصادية من "يورو موني" تقول أننا لا نتفوق سوى على غامبيا وبوتسوانا وأوغندا اقتصاديا، وتقارير جامعية لا تصنف إطلاقا جامعاتنا الست والخمسين ضمن ترتيب خمسمائة جامعة عالمية تقدّم العلم والتكنولوجيا، ونجد أحسن جامعة جزائرية في المركز 4452 ضمن جامعات العالم وهو مركز أقبح من الهزيمة أمام إفريقيا الوسطى بمئة هدف وليس بهدفين فقط.
ماذا لو نمنح جزءا من هذا القلق الذي عصر قلوبنا بعد هزيمة بانغي على تدهور منتوجاتنا الفلاحية في نوعيتها وكمياتها وأسعارها المرتفعة؟ ماذا لو راقبنا جميعا أداء رؤساء بلدياتنا وولاتنا ووزرائنا وبرلمانيينا كما راقبنا "قعدة" الشيخ و"وقفة" بن شيخة وتيهان بلحاج وعقم جبور الذي لم يسجل منذ مباراة الأورغواي؟ ماذا لو أجبرنا مسؤولينا ليردوا لنا أدمغتنا وعباقرتنا المخزونين في مخابر ومستشفيات العالم لبعث جامعاتنا التي تحولت إلى مساحات للغرام ومشانق لنحر الوقت كما أجبرناهم على إقناع لحسن ومبولحي ومجاني ونحاول إجبارهم على إقناع فيغولي الذي لا يعرف عن الجزائر سوى الإسم وبلفوضيل الذي سافر إلى تل أبيب ولم يزر الجزائر رغم أنه من مواليدها لأجل اللعب لصالح الجزائر؟ ماذا لو نتحد جميعا لنجعل الكرة واحدة من همّنا وليست همّنا الوحيد؟
عالم الكرة مثل عالم المعارك والحروب هي دواليك يوم لك ويوم عليك، فقد غلبنا ألمانيا الاتحادية وغلبتنا الغابون، وتعادلنا أمام إنجلترا وغلبتنا إفريقيا الوسطى وقد نغلب المغرب في الدار البيضاء، ولكن في الاقتصاد والتكنولوجيا إذا خسرت فقد لا تربح بعد ذلك أبدا.